معنى لبيك اللهم لبيك
تمهيدًا لمعرفة من اول من قال لبيك اللهم لبيك، فإن معنى لبيك اللهم لبيك هو ما بيّنه أهل العلم ووضحوه، وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه وصف قول النبي صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك أنّه توحيد لله في الحج والعمرة، وهو يحمل عدّة معاني، منها ما يأتي:
- الإجابة لله بعد الإجابة بعد الإجابة، وتمّ تكرارها إيذانًا بدوام الإجابة واستمرارها.
- تعني الانقياد بعد الانقياد.
- هي مأخوذة من التلبية بالمكان إذا أقام به ولزمه، وتعني أنّا مقيمٌ على طاعتك يا الله وملازمٌ لها.
- الحب لله بعد الحب بعد الحب.
- تتضمن التلبية الإخلاص المأخوذ من لبّ الشيء وهو خالصه.
- تتضمن الاقتراب من الله بعد الاقتراب.
- هي شعار التوحيد لملّة إبراهيم.
من هو اول من قال لبيك اللهم لبيك
إنّ اول من قال لبيك اللهم لبيك هو الصحابي الجليل ثمامة بن أثال، ونسبه هو ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عُبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل، ابن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب، ابن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وهو أمير بني حنيفة وأشرف أشراف بكر بن وائل وسيدًا من ساداتهم، وقد كان للمسلمين عملٌ عسكري من خلال سرية محمد بن مسلمة، وذلك في العام السادس للهجرة، وفي طريق عودتهم أسروا ثمامة بن أثال، والصحابة لا يعرفونه حتى وصلوا إلى المدينة، فعرفه النبي صلى الله عليه وسلم فأوصاهم بالإحسان إليه، وأوصى بلبن ناقته ليشرب منه، ثمّ أمر الصحابة بإطلاقه، فذهب ثمامة إلى نخلٍ قريب من المسجد النبوي واغتسل غسل المسلمين، ودخل المسجد وأعلن إسلامه، وقد علّمه النبي صلى الله عليه وسلم صفة العمرة في الإسلام.
قصة أول معتمر في الإسلام
بعد أن تم معرفة من هو اول من قال لبيك اللهم لبيك في الإسلام، والذي هو ثمامة بن أثال والذي بعد أن أعلن إسلامه في المدينة قام بالاستئذان من النبي صلى الله عليه وسلم ليعتمر في مكّة المكرمة، وكانت لا تزال بيد المشركين وفيها الأصنام قائمة، فدخل حتى وصل بطن مكّة وجلجل بصوته ملبيًا كما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم، واستنفرت قريش لما سمعت ذلك الصوت الموحد، واتجهت إليه لتبطش به، فلما رأوه هبّ أحد فتيان قريش برميه بسهم، فمنعوه، خوفًا من قيام قومه بمنع التجارة والطعام عنهم فيؤذونهم ويجوّعونهم، ثم سألوه إن كان خرج عن دين آبائه، فقال بل اتّبعت خير دين.
حصار ثمامة بن أثار الاقتصادي على مكة
لما خرج ثمامة إلى مكة المكرمة وهو اول من قال لبيك اللهم لبيك معتمرًا، وقد أوقفه المشركون قبل أن يدروا أنّه ثمامة يريدون قتله، ولكنّهم منعهم من ذلك خوفهم من الحصار الاقتصادي الذي كان سيلحق بهم لو هم قتلوه، وقد روى الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه قال: “فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ له قَائِلٌ: صَبَوْتَ! قَالَ: لَا، ولَكِنْ أسْلَمْتُ مع مُحَمَّدٍ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا واللَّهِ، لا يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”. ولما عاد لبلاده أقام على قريش حصارًا اقتصاديًا خانقًا، فارتفعت عليهم الأسعار وشاع الجوع، واشتد الكرب، ولما خشوا على أنفسهم الهلاك، كاتبوا النبي صلى الله عليه وسلم راجينه أن يصل رحمه ويحسن جواره وأن يأمر ثمامة بتفعيل الميرة والتجارة معهم ففعل صلى الله عليه وسلم.
وفاة ثمامة بن أثال
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ارتدّ الكثير من الناس عن الإسلام، ومنهم من هم من أهل البحرين التي كان ثمامة سيدًا فيها، وقد قاتل من ثبت على الإسلام أولئك الذين خرجوا عنه، فكان ثمامة من الثابتين، وقد خرج هو وقومه مع العلاء الحضرمي وقاتل مع المرتدين من أهل البحرين، ولما ظفروا وربحوا القتال، اشترى ثمامة في طريق عودته خميصة الحطم بن ضبيعة ولما رأوه أصحابه يرتديها ظنّوا أنّه هو من قتله ولكنّه كان من اشتراها ممن غنمها في الحرب، فقتلوه انتقامًا منه والله ورسوله أعلم.
بهذا نختتم مقال من هو اول من قال لبيك اللهم لبيك، والذي بيّن معنى هذه العبارة، وذكر قصّة ثمامة بن أثال، والحصار الاقتصادي الذي ضربه على أهل مكة بعد إسلامه، وذكر طريقة وفاته.
