هذا الذي تعرف البطحاء وطأته من القائل - المرساة

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته من القائل

جوجل بلس

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته من القائل ، وهو ما يتساءل عنه الكثيرون بسبب الكلمات وأوجه الشبه التي يمتلكها هذا القسم الشعري والتي تدل على قوة وعظمة تلك الشخصية التي يصفها الشاعر بقوله ، من المعروف أن الشعراء القدماء تميزوا بقصائدهم وكتاباتهم في المديح والهجاء ، حيث نظموا العديد من هذه القصائد والأبيات ، ومن خلال المقال التالي سنعرفكم على مؤلف هذا القسم الشعري وسبب تلك القصيدة.

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته من القائل

إنّ قائل هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته هو الشّاعر المشهور بالفرزدق، وقد نظّم تلك الأبيات الشّعريّة في مدح علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وذلك من محبّته لأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان يقول الشّعر كثيرًا فيهم ومتباهيًا بحبّه الكبير لهم، حيثُ أنّ هذه القصيدة لها قصّة وسبب في قولها وهي أكبر مثال يعبّر عن حبّه الشّديد لهم.

نبذة عن حياة الفرزدق

هو همّام بن غالب بن صعصعة التميمي، الملقّب بأبي فراس، والمعروف لدى العرب بالفرزدق تشبيهًا منهم له برغيف الخبز لضخامة واستدارة وجهه، وُلد في عام (38 هجري \ 641 ميلادي) في مدينة البصرة في العراق، حيثُ نشأ وترعرع فيها، وكان من أشهر الشّعراء في المدح والهجاء، فقد تميّز بشعر التّناقض مع الشّاعر جرير أيّ أنّه كان كلّ منهما يقول أبياتًا من الشّعر ليردّ عليه الآخر بأبيات تناقضه ولكنّها على نفس الوزن والقافية، وقد كان الفرزدق معروفًا بنسبه فهو ابن سيّد قبيلة تميم المعروفة بين العرب قديمًا وأخذ الكثير من صفات البدو في الجود والشّرف والشّجاعة، حيثُ كان يمدح الخلفاء والأمراء مرّةً وأخرى يهجوهم، وكانت أشعاره متميّزة بقوّة الألفاظ وفخامة التّعابير مما جعلهم يطلقون عليه بأفخر شعراء العرب نسبةً لنسبه المعروف وشجاعته القويّة التي كانت تظهر في قصائده الشّعريّة، توفّي الفرزدق عام (110 هجري \ 732 ميلادي).

قصيدة هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

تُعتبر هذه القصيدة من أكثر قصائد الفرزدق شُهرةً، والتي قالها في مَدح علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهي على النّحو الآتي:

هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ *** وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ *** هَذا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطّاهِرُ العَلَمُ

هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ *** بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَّهِ قَد خُتِموا

وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ *** العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ

كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما *** يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ

سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ *** يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِّيَمُ

حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا *** حُلوُ الشَّمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ

ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ *** لَولا التَّشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ

عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت *** عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ

إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها *** إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ

يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ *** فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ

بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ *** مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ

يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ *** رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ

اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ *** جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ

قصة هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

في أيّام الحج ذهب هشام بن عبد الملك إلى البيت الحرام قاصدًا الحج، وفي أثناء الطّواف حاول جاهدًا أن يصل إلى الحجر الأسود ويلتمسه بيده إلّا أنّه لم يتمكّن من ذلك لكثرة النّاس حوله، فأقام له رجاله من أهل الشّام مكانًا وجلس فيه ينظر إلى النّاس حوله، في ذات الوقت الّذي قدِمَ فيه علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب ليطوف حول البيت، وعندما اقترب من رُكن الحجر ما كان من النّاس إلّا أن تنحّت جانبًا ليتمكّن زين العابدين من الوصول إليه، فسأل أحدهم هشام: من هذا الرّجل المهيوب؟ فردّ عليه: لا أعلم، فسمع الفرزدق حديثهما وقال للرّجل: أنا أعرفه، وقال تلك القصيدة المشهورة في مدح حفيد رسول الله مما جعل هشام يغضب أشدّ الغضب وأمر بحبس أبا فراس في بلدة عسفان.

هجاء الفرزدق هشام بن عبد الملك

بعد أن سَمِعَ هشام بن عبد الملك تلك القصيدة من فِيْهِ الفرزدق في مدح علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب، غضب منه ولم يُعطه مكافأته بل طلب منه أن يقول فيه كما قال في زين العابدين، فكان ردّ أبا فراس: لو كان جدّك كجدّه وأبيك مثل أبيه أو أمّك ذات نسبٍ مثل أمّه لقلت فيك كذلك، مما زاد من غضبه وأمر بدجّه في الحبس بين المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة حيث قال في هجائه:

أيحسبُني بين المدينة والّتي *** إليها قلوب النّاس يَهوي مَنيبها

يقلب رأسًا لم يكُن رأس سيّدٍ *** وعينًا له حولاء بادٍ عيوبها

وعندما عَلِم هشام بتلك الأبيات أمر بإخراجه من الحبس، وبعد عِلْم علي بن الحُسين بذلك أرسل له 12 ألف درهم، إلّا أنّه رفض ذلك في البداية ولكن ردّ عليه الإمام قائلًا: نحنُ أهل بيت رسول الله لا يردّ لنا ما أعطينا أبدًا، فقبِل ذلك منه.

شرح هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

قال الشّاعر الفرزدق هذا البيت الشّعري مادحًا علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب، من محبّته الكبيرة لأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو كما يلي:

هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ *** وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ *** هَذا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطّاهِرُ العَلَمُ

والمقصود من قول الفرزدق بأنّه أراد تعريف هشام بن عبد الملك ومن هم برفقته بأنّ علي بن الحُسين هو من أشهر سادات مكّة وأنّه معروفٌ أيضًا في مكان الحِلّ والإحرام، ثمّ أشار له بكلمة هذا للدّلالة على أنّه معروف لِدى أغلبيّة النّاس لأنّه ابن خَير البشر (حفيدُ رسول الله)، إنّه الرّجل التّقيّ صاحب القلب الطّاهر حيثُ شبّهه بالعَلَم أيضًا للدّلالة على مكانته المرموقة بين النّاس.

وهنا جئنا معكم إلى نهاية هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن هذا الذي تعرف البطحاء وطأته من القائل ، ثم انتقلنا داخل تلك السطور للحديث عن موجز عن حياة الفرزدق ، بالإضافة إلى أبيات هذه القصيدة وماهي قصتها ، ليختتم المقال بشرح لبعض أبيات تلك القصيدة.